بعد تعويم ناقلة الحاويات العملاقة "إيفر غيفن" التي أعاقت على مدى أسبوع حركة عبور قناة السويس، لا تزال الضبابية تخيّم على تكلفة جنوح السفينة على شركات التأمين، والتي قد لا تُعرف أرقامها قبل سنوات.
طريقة عمل شركات التأمين البحري
بمعزل عن وسائل نقلها، تكون البضائع والآلات عرضة لمجموعة كبيرة من المخاطر: حوادث، حريق، سرقة...
ففي القطاع البحري، تدخل على الخط أنواع كثيرة من التأمين لتغطية الأضرار اللاحقة بالسفن والبضائع خلال عملية النقل من المصدر إلى الوجهة النهائية.
وتقترح شركات التأمين خصوصاً تغطيات "الهيكل والمحرّك" للسفن ضد مخاطر الأضرار المادية.
و هناك أنواع أخرى من العقود، لتغطية المسؤولية المدنية، تتيح تأمين أطراف ثالثة من الأضرار خلال النقل.
كذلك يمكن لشركات التأمين تغطية الأضرار الناجمة عن البيئة، وفي بعض الحالات الناجمة عن مخاطر سياسية وحروب.
تكلفة جنوح "إيفر غرين" على شركات التأمين
يستحيل في هذه المرحلة إعطاء أرقام دقيقة: فعمل الخبراء لم ينته بعد كما أن هناك إجراءات قضائية مرتقبة.
ويقول مدير أنشطة السفن لدى وسيط التأمين الفرنسي "سياسي سانت اونوريه" برتران فوريسون لوكالة الصحافة الفرنسية "قد يستغرق الأمر عشر سنوات".
ويوضح فوريسون إن الأمر "على مقياس التأمين البحري، حدث مهم، ولكنه ليس بالغ الأهمية".
من جهتها اعتبرت وكالة التصنيف الائتماني "دي بي أر إس مورنينغستار" أن "الخسائر الإجمالية المغطاة بالتأمين ستبقى ضمن الإطار المعقول (لشركات التأمين) نظراً للفترة القصيرة نسبياً لجنوح السفينة في القناة، ومحدودية بعض التغطيات والامتيازات".
وتذكّر وكالة التصنيف خصوصاً أن غالبية عقود التأمين تحدد مبلغاً أقصى للتغطية: عموماً بين 100 و140 مليون دولار للهيكل والمحرك لسفن من طراز السفينة "إيفر غيفن" على سبيل المثال.
تكاليف أنواع عدة من الأضرار
يجب أولاً معرفة ما إذا تعرّضت السفينة لأضرار مادية، وهي عملية سهلة نسبياً.
تضاف إلى ذلك تكلفة عمليات الإنقاذ والتي تقدّر بأقل من عشرة مليارات دولار، حسب "سياسي سانت أونوريه"، وهو رقم ضئيل جداً مقارنة بتكلفة عمليات إنقاذ سفينة الرحلات السياحية كوستا كونكورديا التي جنحت قبالة سواحل توسكانا في العام 2012 والتي بلغت 500 مليون يورو.
ويتعيّن تالياً تحديد كلفة الأضرار التي قد تكون لحقت بالبضائع المنقولة على متن "إيفر غيفن".
وتشير شركة التأمين الألمانية "أليانز" إلى تقارير أولية "متفائلة حيال عدم تعرّض الحمولة لأضرار مادية كبيرة".
ويقول فوريسون إن قضية السفن التي علقت بسبب "إيفر غيفن" والتي يتراوح عددها بين 300 و400 سفينة هي المسألة الجوهرية، لا سيّما أنها "ستتكبّد خسائر وستسعى إلى تحميل جهة ما المسؤولية للحصول على تعويضات. ستكون معركة محامين".
وتساءل فوريسون "هل حصل عطل آلي؟ خطأ ربان؟ مشكلة محرّك قبل إبحار السفينة أو خلال الإبحار؟ كل هذا من شأنه أن يغيّر طبيعة المسؤولية".
ويقول ديدييه جيرو، الخبير البحري في مجموعة التأمين الفرنسية "ستيليان"، إن طلبات التعويض عن تأخر التسليم قد "تستغرق الكثير من الوقت، لأنه سيتعين إثبات أن تأخر عبور القناة أثّر فعلاً على موعد تسليم البضائع والتأكد من عدم وجود سبب آخر لذلك".
أما بالنسبة إلى الحمولة، على سبيل المثال "قد تنفق خراف. كم عددها مع أخذ التأخير في الاعتبار. يصعب معرفة ذلك. وكم عدد الخراف التي تنفق عادة خلال العبور؟ يجب أخذ كل هذه الأمور في الاعتبار".
مخاطر السفن الأكبر حجماً
يقول الخبير في شركة "أليانز" راهول كانا إن شركات التأمين "تحذّر منذ سنوات بأن الحجم الأكبر للسفن يُراكِم مزيداً من المخاطر".
ويتابع كانا "هذه السفن تمكّن مشغّليها من توفير مبالغ كبيرة، ولكن أيضاً تكاليف غير متناسبة عندما تسوء الأمور"، ويضيف أن هذا الأمر يجعل إدارة حوادث السفن الكبيرة على غرار الحرائق والأعطال والاصطدامات، أكثر تعقيداً وكلفة.