احتجاجات مسلمي الهند على جرائم الكراهية ضدهم  (Reuters)
تابعنا

"أدفع الثمن لأني مسلم"، هي الجملة التي عبَّر بها بائع الفواكه المسلم، شهد الله، وهو يقف بين أنقاض ما كان للحظات سابقة من ذلك منزله وعربة الفاكهة التي يعمل عليها وحظيرة الماشية التي كان يملكها، قبل أن تهدمهم الشرطة الهندية وتغادر.

هذا ودافعت السلطات الهندية عن عمليات الهدم التي تنفّذها بحق مسلمين، ووصفتها بأنها "إجراءات ضرورية ضد مثيري الشغب والمتعدّين"، زاعمة أن تلك المنازل والمتاجر بُنيَت بشكل غير قانوني على أراضٍ تملكها الدولة.

بيد أنها في الحقيقة لا تعدو أن تكون إحدى فصول الاضطهاد الذي يعانيه مسلمو الهند على يد الحكومة اليمينية المتطرفة، والجماعات القومية الهندوسية التي ازدادت حدة أعمالها واتساعها منذ أن تقلد رئيس الوزراء ناريندرا مودي حكم البلاد. هذا ما يؤكده شهد الله وعدد ممن شهدوا مصيره ذاته، بأن: هدم البيوت الذي يجري لا يستهدف إلا المسلمين.. وأن مدناً أخرى شهد مسلموها عمليات الهدم الممنهج ذاتها لمساكنهم ومتاجرهم.

اضطهاد ممنهج

احتفل الهندوس يوم السبت بعيد الإله هانومان، إلا أن هذا الاحتفال تحول إلى صدامات طائفية عنيفة، بعد أن عزم شباب قوميون متطرفون على نقل تلك الطقوس إلى أمام مساجد المسلمين وهم يؤدون صلاة التراويح، واحتشدوا بقرب المسجد حاملين البنادق والسيوف متعهدين المصلين بالموت، وأطلقوا عبارات مسيئة مشغلين مكبرات الصوت بالأغاني ورفضوا الرحيل.

"لماذا قرروا أن يتوقفوا أمام مسجد هذا العام ويجبرونا أن نقول: جاي شري رام (أي النصر للإله رام)؟" يتساءل الشيخ بابلو المسلم لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، مجيباً بما يؤكد الواقع: إن هؤلاء القوميين المتعصبين "قد تمادوا أكثر وأكثر في استفزازنا". وعلى أساس هذا الواقع تخلص الصحيفة إلى أن الهند التي يسكنها 80% من الغالبية الهندوسية و14% من المسلمين "على شفير عنف واسع".

ولم يقف الاضطهاد عند هذا الحد، فأكملت الشرطة الهندية بالإمعان فيه، بعمدها إلى هدم بيوت ومحال تجارية مملوكة للمسلمين، وقمع واعتقال كل من يقف في طريقهم لمنعهم من ذاك. ويحكي الشيخ رفيق، البالغ من العمر 72 عاماً، عن رعبه أثناء عملية هدم بيته ومتجره في ولاية ماديا براديش في وسط الهند، "كنا في رعب فلم ننطق بكلمة، وقفنا نشاهد في صمت كيف يدمرون كل شيء".

لماذا تكثف الهند استهدافها للمسلمين؟

منذ 2014 ومع اعتلاء ناريندرا مودي رئاسة حكومة الهند عرفت عقيدة التعصب الهندوسي "هندوتفا" انتشاراً واسعاً، وبسطت مليشيات "آر إس إس"، وهي قوات مسلحة تطوعيَّة هندوسية متطرِّفة يبلغ تعدادها 6 ملايين عنصر، نفوذها على الساحة السياسية والاجتماعية الهندية.

ذلك مرده إلى كون الحزب الحاكم منذ تأسيسه سنة 1980 الواجهة السياسية لتلك المليشيات، وبالتالي مكنتها قيادته للحكومة من امتلاك كل الوسائل لتدعيم أذرعها داخل التنظيمات الطلابية والنقابات العمالية، كما يروج لأفكارها الإعلام الذي لم يعد يتوانى بشن حملات تحريضية ضد المسلمين.

كما يعد رئيس الوزراء ناريندرا مودي أحد أبناء "آر إس إس" الأوفياء المتشبعين بعقيدة الـ"هندوتفا"، هو الذي انتمى إليها منذ سن الثامنة من عمره وتدرَّج ليصبح أحد قياداتها قبل أن يدخل الحياة السياسية. بل وشارك في عدد من أنشطتها، على رأسها أحداث هدم مسجد بابري سنة 1992، حسب ما يذكر وثائقي منصة "ريد فيش".

TRT عربي
الأكثر تداولاً