قال دينيس هوراك، السفير الكندي السابق لدى السعودية، إنَّ مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي "أحبط" أيّة محاولات لإصلاح العلاقات بين كندا والمملكة العربية السعودية في أعقاب الخلاف الدبلوماسي الذي نشب في الصيف الماضي.
وقال هوراك لشبكة TRT، في ظل الأجواء السائدة في الوقت الحالي (بعد مقتل خاشقجي)، أعتقد أنه من الصعب القول إن العلاقات ستعود إلى سابق عهدها".
يُذكَر أنَّ السعودية طلبت من هوراك مغادرة الرياض في أغسطس/آب الماضي مُعلنةً أنه شخص غير مرغوب فيه، بعدما أعربت السفارة الكندية في تغريدة على موقع تويتر باللغة العربية عن مخاوفها إزاء اعتقال عدد من نشطاء حقوق المرأة في السعودية وطالبت بالإفراج الفوري عنهم.
وردَّت السعودية على هذه التغريدة بتجميد جميع صفقاتها التجارية والاستثمارية الجديدة مع كندا، وأوقفت جميع رحلات الطيران على الخطوط الجوية التابعة للدولة من مدينة تورونتو الكندية وإليها، و علَّقت برنامج التبادل الطلابي مع كندا، واستدعت سفيرها في كندا إلى الرياض كذلك.
وقال هوراك "لقد انهارت العلاقات بيننا بالفعل بسبب ما حدث هذا الصيف. كان رد الفعل السعودي، أو بالأحرى رد الفعل المبالغ فيه على تغريدة، سخيفاً".
وازداد تدهور العلاقات بين البلدين بعد مقتل خاشقجي في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الماضي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول.
"لقد انهارت العلاقات بيننا بالفعل بسبب ما حدث هذا الصيف. كان رد الفعل السعودي، أو بالأحرى رد الفعل المبالغ فيه على تغريدةٍ، سخيفاً".
صفقة السلاح الكندية-السعودية
وتواجه كندا دعوات متزايدة لإلغاء صفقة أسلحة بقيمة 12 مليار دولار مع السعودية. وفي وقتٍ سابق من الأسبوع الماضي، قال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو لوسائل الإعلام المحلية إنَّ حكومته تبحث عن طريقة للخروج من الصفقة. وتتناقض تصريحات ترودو الأخيرة مع التعليقات التي أدلى بها في أكتوبر/تشرين الأول، والتي قال فيها إنَّ الانسحاب من الصفقة سيكون "صعباً للغاية".
ويعتقد هوراك أنه بإلغاء الصفقة، فإن الحكومة الكندية لن تجني شيئاً سوى إلحاق الضرر بعمالها، وإيصال رسالة غير مؤثِّرة.
وقال "لا أعتقد أن إلغاء الصفقة سيكون له أي تأثير في السعودية. والعمال الكنديون هم من سيتضرَّرون، إذ سيُطردون من وظائفهم نتيجة لذلك".
وأوصى هوراك بضرورة أن تكون جهود الحكومة الكندية لإدانة السلوك السعودي جزءاً من جبهة جماعية مع حلفائها.
وقال "لا يوجد أي معنى لوقوفنا بمفردنا، فلن يُنصَت إلينا بنفس القدر من الاهتمام عندما نكون جزءاً من مجموعة".
ومن المفترض أنَّ العقد - الذي وُقّعته إدارة رئيس وزراء كندا الأسبق ستيفن هاربر عام 2014 والذي أيدته لاحقاً حكومة ترودو - سيعمل على"توفير واستدامة أكثر من 3000 فرصة عمل كل عام في كندا" على مرِّ 14 عاماً.
وإذا انسحبت الحكومة الكندية من اتفاقها مع السعوديين، فإنها ستنضم إلى ألمانيا التي أوقفت بيع الأسلحة للسعودية وألغت صفقاتٍ قائمة بسبب مقتل خاشقجي. وبعد وقت قصير من قرار ألمانيا، أعلنت الدنمارك وفنلندا أنهما ستلغيان أي صادرات مستقبلية من الأسلحة إلى السعودية.
محمد بن سلمان ومقتل خاشقجي
وقال مسؤولون أميركيون إن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية خلُصت إلى أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان كان مرتبطاً مباشرةً بقتل خاشقجي، وقدَّرت أنه هو من أمر بقتله. ولم يصدر تعليق رسمي من الوكالة حول الموضوع.
وعلى مرَّ عدة أسابيع بعد مقتل خاشقجي، واجه محمد بن سلمان -الذي عزز سلطته بشدة ويعتقد الكثيرون أنَّه الحاكم الفعلي وراء العرش- ضجة دولية حول الاشتباه في ضلوعه في القتل.
وظهرت تقارير في وقت لاحق تزعم أن بعض أفراد عائلة آل سعود الحاكمة في السعودية كانوا يخططون لتهميش محمد بن سلمان وتغيير ترتيب خلافة العرش بعد وفاة الملك الحالي سلمان.
وقال هوراك، الذي عمل سفيراً في الرياض منذ عام 2015 حتى طرده في الصيف الماضي، إنَّ الشائعات مستمرة في العاصمة السعودية، مضيفاً أنَّ الكثير منها قد لا يكون صحيحاً.
وقال "من الصعب للغاية معرفة ما يجري في الدوائر الملكية... الكثير من الناس يزعمون أنهم يعرفون، ولكنني أعتقد أن أولئك الذين يعرفون لا يتحدثون، وأولئك الذين يتحدثون لا يعرفون".
وفي حديثه عن محمد بن سلمان، قال هوراك إن ولي العهد البالغ من العمر 33 عاماً "ما زال يحظى بشعبية" في السعودية بفضل بعض الإصلاحات الاجتماعية التي خطط لها ونفذها منذ صعوده إلى السلطة.
ووفقاً لهوراك، ففي السنة الأخيرة التي قضاها في منصبه بالرياض، بدأ يعتقد أنَّ التحركات السياسية التي يجريها محمد بن سلمان قد أصبحت مقلقة، مشيراً إلى حملة القمع التي شهدها فندق الريتز كارلتون، واعتقال ناشطات، وتقلُّص مساحة الحرية السياسية داخل البلاد.
وعند سؤاله عن إمكانية انقلاب بعض أفراد العائلة المالكة ضد محمد بن سلمان، شدد هوراك على مخاطر أي تحرك من هذا القبيل قائلاً "إذا كان أفراد العائلة المالكة ينوون الانقلاب على (بن سلمان)، فمن الأفضل أن يكونوا واثقين للغاية من أنهم سينجحون لأنهم إن لم ينجحوا، فسيبقى في الحكم 50 عاماً، وسيخاطرون بفقدان المزايا الكبيرة التي ما زال الكثيرون منهم يتمتعون بها".