يواجه المغرب نقصاً في إمدادات الغاز بعدما وقفت الجزائر ضخه إلى أوروبا عبر أنبوب يمرّ بالأراضي المغربية، اعتباراً من 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وتسعى المملكة لتعويض إمدادات الغاز الجزائري من خلال تسريع الاستثمارات للتنقيب عن الغاز بعدة مناطق في البلاد.
بالتوازي، يتهيأ البلد لاستقبال أولى شحنات الغاز الطبيعي المسال المستورد، إذ يرتقب أن تصل أول باخرة محمَّلة بكمية منه إلى المواني المغربية بحلول نهاية أبريل/نيسان الجاري، حسب وسائل إعلام محلية.
في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعلن المغرب في تقرير لوزارة المالية ضمن وثائق موازنة 2022، أنه "يجري العمل على إنشاء شركة ستعمل على تدبير وتطوير البنى التحتية الوطنية للغاز".
وستدير الشركة الجديدة خط أنابيب الغاز "المغرب العربي-أوروبا"، ويواكب مشروع خط أنابيب الغاز "نيجيريا-المغرب"، الذي تُجرَى حالياً دراسات للجدوى بشأنه.
اكتشافات متواضعة
وقلّلَت ليلى بنعلي وزيرة الانتقال الطاقي المغربية، في 13 أبريل/نيسان الجاري، "أهمية اكتشافات الغاز بالمغرب".
وقالت الوزيرة خلال اجتماع لجنة برلمانية: "الاحتياطيات المؤكَّدة للغاز الطبيعي المكتشف حالياً في المغرب، لم تصل بعدُ إلى المستوى المطلوب".
وزادت: "المستوى المطلوب هو 30 سنة على الأقلّ من استغلال واستخدام الغاز المكتشَف، من أجل تأمين احتياجات التنمية المستدامة".
ويرى الخبير الاقتصادي المغربي فؤاد عبد المومني، أن "هذا النوع من الاكتشافات لا يطمْئن، ولا يكشف حقيقة وجود الغاز بكميات تجارية إلى حين تحقيق إنتاج بشكل واسع".
وزاد عبد المومني: "رأينا كيف أن شركات أجنبية ادّعَت أن في شرق المغرب حقول نفط هائلة، اتضح بعد ذلك أن الأمر فقط مناورات من أجل تحقيق الربح السريع".
الإنتاج والاستهلاك
في 6 يناير/كانون الثاني الماضي، نشر مجلس المنافسة (حكومي) تقريراً أعده بطلب من الحكومة، تَوقَّع ارتفاع الطلب على الغاز الطبيعي في المملكة إلى 1.1 مليار متر مكعَّب سنوياً بحلول 2025.
وجاء في التقرير أن "التقديرات تكشف أن معدَّل طلب المستهلك النهائي على الغاز الطبيعي سيبلغ نحو 1.7 مليار متر مكعَّب بحلول 2030، ونحو 3 مليارات متر مكعب بحلول 2040".
كانت وزيرة الطاقة المغربية توقعت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أن يصل إنتاج البلاد من الغاز الطبيعي إلى 110 ملايين متر مكعب سنوياً خلال 2021، مقابل 98 مليون متر مكعب في 2020.
ويصل حجم استهلاك المغرب من الغاز إلى نحو مليار متر مكعب سنوياً في الوقت الحالي.
وكان المغرب يحصل على رسوم عبور للغاز الجزائري، إضافة إلى حصة من الغاز لسدّ احتياجات الاستهلاك المحلي، قبل أن يقرّر الرئيس الجزائري في نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عدم تجديد عقد توريد الغاز إلى إسبانيا عبر الأنبوب.
حصيلة التنقيب
قال المغرب في 13 أبريل/نيسان الجاري، إن إجمالي الاستثمارات في التنقيب عن الغاز والبترول في البلاد بلغ 28 مليار و845 مليون درهم (2.94 مليار دولار)، منذ عام 2000 حتى نهاية 2021.
جاء ذلك في مداخلة للمديرة العامة للمكتب المغربي للهيدروكربون والمعادن (حكومي) أمينة بنخضرة، أمام لجنة برلمانية بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي).
وأضافت بنخضرة أن "96 بالمئة من الاستثمارات للتنقيب عن الغاز والبترول في المغرب، تموّلها كلياً الشركات".
وشملت عمليات التنقيب عن البترول والغاز في المغرب خلال 2021، مساحة إجمالية تناهز 283 ألف كيلومتر مربع.
ومُنحَت 9 رخص استغلال و53 رخصة تنقيب، منها 26 بالمجال البحري و3 رخص استكشافية، وفقاً لوزيرة الطاقة المغربية.
مجرد إعلانات
وشدّد لحسين اليماني، الكاتب العامّ للنقابة المغربية للبترول والغاز، في تصريح للأناضول، على أن "اكتشافات الغاز الطبيعي اليوم في المغرب مجرد إعلانات".
وتابع: "لم نستطِع توفير مخزون استراتيجي قابل للاستهلاك، هذا لم يتحقق على أرض الواقع، لكن أكيدٌ أن المغرب في حاجة إلى الطاقة النظيفة لإنتاج الكهرباء".
ولفت إلى أن "سياسة التنقيب عن الغاز والبترول في المملكة لم تؤتِ ثمارها حتى الآن، المغرب مطالَب اليوم أكثر من أي وقت مضى، بتشجيع البحث والتنقيب عن مادة الغاز الطبيعي".
استثمارات متزايدة
وبدأ المغرب في 5 يناير/كانون الثاني الجاري، استدراج عروض لإنجاز الدراسات المتعلقة بمشروع محطة لاستقبال بواخر الغاز الطبيعي المسال، بميناء المحمدية شمالي البلاد.
وحسب الوكالة المغربية للمواني (حكومية) تصل كلفة إنجاز الدراسة إلى 4 ملايين درهم (401 ألف دولار)، بلا كشف عن المبلغ المرصود لتشييد محطة استقبال بواخر الغاز والوحدة العائمة للتخزين.
وفي 16 مارس/آذار الماضي أعلن المغرب توقيع عقد مع شركة "ساوند إنيرجي" البريطانية، لتوريد الغاز من حقل تندارة المحلي إلى أنبوب "المغرب العربي-أوروبا".
وتقدّر الشركة البريطانية احتياطيات الحقل بنحو 5 مليارات متر مكعب من الغاز.