وقالت الدول الثلاث إنها ستعترف بدولة فلسطين بدءاً من 28 مايو/أيار الجاري، ما لقي ترحيباً من السلطة الفلسطينية وردود فعل دولية التي دعمت قرار الدول الأوروبية، بينما استدعت إسرائيل سفيرَيها في أيرلندا والنرويج "لإجراء مشاورات طارئة".
ويرمز هذا الإعلان الذي جرى تنسيقه بشكل وثيق بين الدول الثلاث، إلى الموقف القوي ضد إسرائيل في ظل الخسائر الكبيرة التي خلفتها حرب الاحتلال الإسرائيلي على غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ماذا يقول السفيران الفلسطينيان في أيرلندا والاتحاد الأوروبي؟
ورحبت سفيرة فلسطين لدى أيرلندا، الدكتورة جيلان وهبة، بهذا القرار الذي اتخذته أيرلندا وإسبانيا والنرويج للاعتراف بدولة فلسطين، وشكرت هذه الدول وقالت إن "هذه الخطوة المهمة أثبتت لأول مرة التزامها الثابت حل الدولتين وتحقيق العدالة التي طال انتظارها للشعب الفلسطيني".
وفي حديث لـTRT عربي أكدت وهبة أن هذا الاعتراف ليس رمزياً إنما يعبّر ويؤكد أن هذه الدول تعي تماماً الحق الفلسطيني وتعترف بحق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره وحقه في دولته المستقلة على أرض فلسطين".
وقالت: "هذا القرار يأتي انسجاماً مع القانون الدولي وجميع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ويسهم بشكل إيجابي في جميع الجهود الرامية إلى إنهاء الاحتلال الاسرائيلي وقبله وقف الحرب العدوانية الغاشمة على أهلنا في قطاع غزة وأيضاً في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية".
وأضافت وهبة: "هذه الخطوة هي خطوة إلى الأمام وستليها خطوات قادمة، لن نعود إلى الوراء أبداً، نسعى إلى أن يكون هناك اعترافات أكبر من جانب الاتحاد الأوروبي، الاتحاد الأوروبي كقوة سياسية واقتصادية ضاغطة سيكون لهذه الاعترافات التي نتمنى لاحقاً في ألمانيا وفرنسا وباقي الدول الأوروبية لتكون قوة أمام كل من يعارض إقرار الحق الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره وإقامة دولة فلسطينية".
وعن أهمية خطوة اعتراف أيرلندا وإسبانيا والنرويج بالدولة الفلسطينية وتأثيرها في مسار الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، يوضح السفير الفلسطيني لدى الاتحاد الأوروبي، عادل عطية، أن هذه الخطوة تشكل تكريساً للاعتراف بحق الشعب الفلسطيني بممارسة سيادته على كامل أرضه والاعتراف بحقوقه الشرعية في إقامة دولة فلسطينية مستقلة، معتبراً أنه "الرد الطبيعي من المجتمع الدولي على تمرّد دولة الاحتلال على الإرادة السياسية الأوروبية والقانون الدولي".
وقال في مقابلة له مع TRT عربي: "لطالما نادينا وناشدنا هذه الدول بالاعتراف بالدولة الفلسطينية منذ زمن، لأن هذا الاعتراف يعبّر عن التزام القانون الدولي، وهناك غضب واستياء من سياسة دولة الاحتلال الإسرائيلي وتنكرها لقواعد القانون الدولي، وأصبح من الواضح أن هناك قناعة في الأوساط الدولية بأن الحل الوحيد لوضع حدّ لهذه المجازر ولوضع حدّ للاحتلال ومعاناة الشعب الفلسطيني يمر من خلال الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة".
وأكد السفير عطية أن هذا الاعتراف يشكل خطوة مهمة في سبيل حل الدولتين، مشيراً إلى أن الدول التي تدعم حل الدولتين عليها التزامات سياسية وأخلاقية أن تعترف بالدولة الفلسطينية المستقلة طالما أنها تعترف بدولة الاحتلال.
ويرى السفير أن العالم لن يتعاطى مع دولة الاحتلال، كما كان يتعاطى معها في السابق، بقوله "العالم لن يقبل من دولة الاحتلال الاستمرار في تقويض الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، والعالم اليوم عليه اتخاذ قرارات مسؤولة ووضع حدّ لهذا الاحتلال الذي يطعن في مصداقية القانون الدولي وعلى العالم التوقف عن الكيل بعدة مكاييل وتطبيق القانون الدولي بالتساوي أينما شاء، فهذا مرفوض بأن يستمر العالم في الانتقائية وأصبح من الواضح اليوم أن هذه السياسة تحرج الدول الأوروبية وتدفعها باتجاه اتخاذ قرارات صحيحة، وخاصة الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة".
وعن استدعاء إسرائيل سفيري أيرلندا والنرويج بعد هذه الخطوة، فسّر السفير عطية أن "هذه الخطوة هي جزء من سياسة إسرائيل في التنكر للقانون الدولي، وجزء من سياسة دولة الاحتلال التمرد على الإرادة الدولية، إذ لطالما رفضت حكومة نتنياهو مسألة حل الدولتين وقيام دولة فلسطينية مستقلة".
"نحن نسعى في الدبلوماسية الفلسطينية إلى ترجمة هذا الاعتراف من خلال خطوات عملية في العلاقات الثنائية بين أوروبا والدولة الفلسطينية، يعني أن طبيعة الصراع القانونية ستتغير مع الاعتراف، وعلى هذه الدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية المستقلة اتخاذ إجراءات سياسية ودبلوماسية واقتصادية، قد ترقى إلى مستوى العقوبات على دولة الاحتلال لإجبارها على الانسحاب من الأراضي الفلسطينية والسماح لدولة فلسطين بممارسة سيادتها على هذه الأراضي"، حسب ما أفاد فيه السفير الفلسطيني الاتحاد الأوروبي، عادل عطية.
"قرار تاريخي"
وقال رئيس الوزراء الأيرلندي، سايمون هاريس: "اليوم تعترف أيرلندا بدولة فلسطين، ونعتقد أن الاعتراف سيسهم في تحقيق السلام والمصالحة في الشرق الأوسط، إنه بيان دعم لا شك فيه لحل الدولتين، وهو الطريق الوحيد الموثوق لتحقيق السلام والأمن لفلسطين وإسرائيل وشعبيهما، سلام يحترم التطلعات المشروعة لجميع شعوب المنطقة في العيش باحترام وعدالة وأمن وكرامة".
بينما كتب رئيس الوزراء الإسباني عبر حسابه في منصة إكس: "ستعترف إسبانيا رسمياً بدولة فلسطين في 28 مايو/أيار المقبل، الأمر الذي يعكس إرادة أغلبية الشعب الإسباني.. لقد حان الوقت للانتقال من الأقوال إلى الأفعال.. إن السلام والعدالة والتماسك أساس قرارنا التاريخي".
بدوره، صرّح رئيس الوزراء النرويجي، جوناس جاهر ستور، أنه "في خضم حرب ومع وجود عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، يجب علينا أن نبقي البديل الوحيد الذي يقدم حلاً سياسياً للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء، وهو دولتان تعيشان جنباً إلى جنب في سلام وأمن".
ورداً على ذلك، استدعى وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، سفراء إسرائيل في إسبانيا وأيرلندا والنرويج، وقال: "أبعث برسالة واضحة اليوم: إسرائيل لن تتهاون مع أولئك الذين يقوّضون سيادتها ويعرضون أمنها للخطر".
وكانت السويد أول دولة في الاتحاد الأوروبي تعترف بالدولة الفلسطينية في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2014، وقال وزير الخارجية السويدي حينها: "إنها خطوة مهمة تؤكد حق الفلسطينيين في تقرير المصير، ونأمل أن ينير هذا الطريق للآخرين”.
ومن الدول الأعضاء الأخرى في الاتحاد الأوروبي التي اعترفت أيضاً بالدولة الفلسطينية هي بلغاريا وجمهورية التشيك وسلوفاكيا والمجر وبولندا ورومانيا، وجنوب قبرص الرومية.