دعا إلى وقفها في أكثر من مناسبة.. مستقبل الحرب في أوكرانيا بعد فوز ترمب / صورة: AA Archive (AA Archive)
تابعنا

وعلى الرغم من اعتقاد المراقبين أن نهج ترمب في السياسة الخارجية قد يكون غير متوقع أحياناً، يرى محللون وخبراء أن الرئيس الأمريكي القادم سيقود تحولا ملموساً في السياسة الخارجية للولايات المتحدة مع عواقب محتملة على الحرب الروسية-الأوكرانية التي تدخل عامها الثالث.

موقف ترمب من الحرب

خلال فترة ولايته الأولى، اتخذ ترمب موقفاً مختلطاً تجاه روسيا، فمن ناحية فرض عقوبات اقتصادية على موسكو، ومن ناحية أخرى، حافظ على خطاب يوحي باستعداده للتعاون مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وطوال حملته الانتخابية، أكد ترمب قدرته على إنهاء الصراع الذي بدأ أوائل 2022 بين موسكو وكييف، قائلاً إنه يمكنه التفاوض على اتفاقية سلام في غضون "24 ساعة" إذا أتيحت له الفرصة.

ووفق ما نقلته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية فقد أوضح المرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس الأمريكي، جي دي فانس، أن إدارة ترمب، في حالة وصوله مرة ثانية إلى البيت الأبيض، ستقدم "حلاً" لإنهاء الحرب في أوكرانيا، وسوف تشمل الخطة "إنشاء منطقة منزوعة السلاح في الأراضي الأوكرانية التي تحتلها روسيا".

كما أعرب ترمب عن نيته خفض المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا، وانتقد الدعم المالي والعسكري المكثف الذي قدمته إدارة بايدن لكييف، مشيراً إلى أن مثل هذه المساعدات تستنزف موارد الولايات المتحدة دون ضمان المصالح الأمنية الأمريكية، ما ينبئ بتحول نحو الضغط على كييف وموسكو للتفاوض على اتفاق سلام.

وفي هذا الصدد قال إيفان كاتشانوفسكي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة أوتاوا، لوكالة الأناضول، إن "أوكرانيا دولة تعتمد بشكل كبير على دعم الولايات المتحدة العسكري والمالي والسياسي في الحرب مع روسيا"، مستطرداً أن لدى ترمب القدرة على إنهاء الأزمة، "ففي حين أن ترمب لا يتمتع بنفوذ كبير على بوتين، فإنه يستطيع أن يجعل زيلينسكي يوافق على وقف إطلاق النار، من خلال حجب أو تقليص المساعدات العسكرية والمالية الأمريكية بشكل كبير".

وأكد ذلك الرأي ليف زينتشينكو، مساعد البرامج في مركز السياسة الأوروبية، معتقداً أن الجهود الرامية إلى "تجميد" الحرب من المرجح أن تبدأ قريباً، لكنه أشار إلى أن فريق السياسة الخارجية لترمب يبدو غير متأكد من أفضل نهج ممكن.

وتابع لوكالة لأناضول أن "المسار الأكثر جدوى لوقف الأعمال العدائية، مع حماية المصالح الأمريكية والأوكرانية، سيكون من خلال استراتيجية السلام من خلال القوة.. وهو النهج الذي تفتقر إليه إدارة بايدن في التعامل مع الأزمة".

تغيير توازن القوى

يرى بعض الخبراء أن سياسة ترمب القائمة على المعاملات التجارية وتغليب مصلحة الولايات المتحدة أولاً، قد تؤدي إلى تغيير كبير في توازن القوى في الصراع الدائر في أوروبا الشرقية.

في السياق، قالت المسؤولة السابقة في مجلس الأمن القومي الأمريكي، فيونا هيل، لمجلة بوليتكو، إن نهج ترمب في التعامل مع الصراع قد يُغيِّر بشكل كبير توازن القوى في أوروبا الشرقية، معتقدةً أن ترمب قد يضغط بطرق غير متوقعة، فقد يضغط على أوكرانيا للتفاوض، وقد يستخدم المساعدات العسكرية ورقة مساومة، فيعرضها في مقابل تنازلات من الجانبين.

وفي هذا الصدد ألمح وزير الخارجية السابق مايك بومبيو، في مقابلة مع صحيفة وول ستريت جورنال، إلى أن إدارة ترمب قد تفكر في برنامج جديد للإقراض والتأجير لتعزيز دفاعات أوكرانيا في حين تدفع في الوقت نفسه نحو المفاوضات.

ويعتقد الممثل الخاص السابق للولايات المتحدة في أوكرانيا، كورت فولكر، في حديث له مع إذاعة أوروبا الحرة، أن هذا سيكون وضعاً أكثر ملاءمة لأوكرانيا، إذ من المرجح أن يدعم مجلس الشيوخ، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، المساعدات لأوكرانيا، وسيكون برنامج الإقراض والتأجير أسهل في الحصول عليه من خلال الكونغرس، بدلاً من المساعدات التي تنفق من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين، وفق قوله.

قلق أوكراني

قوبل فوز ترمب في كييف ببعض القلق، إذ يخشى المسؤولون الأوكرانيون من أن يؤدي خفض الدعم الأمريكي إلى التوسع الروسي، خصوصاً أن إدارة بايدن كانت داعماً رئيسياً لأوكرانيا منذ بدء الصراع. وألمح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إلى التكيف مع سياسات ترمب الجديدة، لكنه عبَّر عن أمله في أن تستمر الولايات المتحدة في دعم سيادة أوكرانيا.

وفي بيان على وسائل التواصل الاجتماعي، يوم الأربعاء الماضي، استذكر زيلينسكي "اجتماعه العظيم" مع ترمب في سبتمبر/أيلول، وأشاد بـ"التزام الجمهوريين نهج السلام من خلال القوة في الشؤون العالمية". ولكنه أضاف: "نحن نعتمد على استمرار الدعم الحزبي القوي لأوكرانيا في الولايات المتحدة".

في المقابل أعرب أوليكساندر ميريزكو، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الأوكراني، عن وجهة نظر متفائلة نسبياً، قائلاً إن رئاسة ترمب تتطلب تغييراً في النهج من كييف.

وقال ميريزكو لصحيفة بوليتيكو: "لا أعتقد أن رئاسته ستكون سيئة لأوكرانيا، ربما تكون صعبة ومليئة بالتحديات، لكنها ليست بالضرورة سيئة". وأضاف: "ترمب رجل أعمال براغماتي، يفكر من منظور التكاليف والفوائد"، ما يعني أن أوكرانيا ستحتاج إلى العمل الجاد لإقناعه بمواصلة دعم كييف.

روسيا متفائلة بحذر

في المقابل قوبل فوز ترمب في موسكو بتفاؤل حذر، إذ يرى المسؤولون الروس أن ترمب زعيمٌ عمليّ أكثر انفتاحاً على التفاوض مع روسيا من نظيره الديمقراطي الذي تبنى موقفاً صارماً تجاه روسيا منذ اندلاع الحرب.

وهنأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ترمب على فوزه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، قائلاً إنه مستعد للحوار معه، بعد أن أبدى الأخير رغبةً في استعادة العلاقات مع روسيا، وأضاف أن أي أفكار بشأن تسهيل إنهاء أزمة أوكرانيا تستحق الاهتمام.

كما صرح المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، بأن روسيا تأمل أن تؤدي عودة ترمب إلى خفض حدة الأعمال العدائية.

ويعتقد المحللون في موسكو أن رغبة ترمب في الحد من مشاركة الولايات المتحدة في الصراعات الخارجية قد تؤدي إلى انخفاض الدعم لأوكرانيا، ما قد يضغط على كييف للتنازل عن الأراضي مقابل السلام.

وأظهر تحليل لمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي أن الروس "يعتقدون أن ترمب قد يكون أكثر مرونة في المفاوضات، ما يوفر فرصة لروسيا لإعادة ترتيب أوراقها على الساحة الدولية".

TRT عربي - وكالات