اليهود المتشددون دينياً المعروفون بـ"الحريديم" تجمعوا للاحتجاج على الخدمة العسكرية الإلزامية أغسطس الماضي / صورة: AA (AA)
تابعنا

يأتي ذلك في وقت يعاني فيه جيش الاحتلال من أزمة حادة في تجنيد العدد الكافي من العناصر للالتحاق بصفوفه، في ظل انخراطه في حروب على جبهات عديدة. وكانت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية قد كشفت الأسبوع الماضي، عن خطورة الأزمة التي تواجه الجيش في التجنيد.

وقال محلل الشؤون العسكرية للصحيفة، يوسي يهوشع، إن التقديرات العسكرية تشير إلى أن الجيش يحتاج على وجه السرعة إلى 7 آلاف جندي، لكنه يجد صعوبة كبيرة في الوصول إلى هذا العدد.

ما التفاصيل؟

أعلن جيش الاحتلال، يوم الثلاثاء، أنه يخطط لإصدار الأوامر بداية الأسبوع المقبل، وذلك امتثالاً للقانون والالتزامات التي تعهدت بها الدولة أمام المحاكم، ووفقاً للتقارير الإعلامية العبرية تحدثت المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية، غالي بهاراف ميارا، عن هذا الأمر في اجتماع يوم الثلاثاء، مؤكدةً أن أي تأخير أو تحديد للأوامر يعد "غير قانوني"، وفق "تايمز أوف إسرائيل".

وأضافت أنه يجب إصدار 4500 من هذه الأوامر دون الأخذ بعين الاعتبار ما إذا كان متلقو هذه الأوامر طلاباً في "اليشيفوت" أم لا. ويفضل "الحريديم" نوعاً خاصاً من المدارس اليهودية تُدعى يشيفاه (Yeshiva).

بدورها، قالت "يديعوت أحرونوت" إنه في الأسابيع الأخيرة، أرسل الجيش 3 آلاف أمر تجنيد إلى الرجال الحريديم، معظمهم من العاملين الذين ليسوا طلاباً بدوام كامل في "اليشيفاه"، وفقط 273 منهم توجهوا إلى مراكز تجنيد الجيش، من بينهم 48 فقط التحقوا بالخدمة العسكرية، "مما يعكس المعارضة الشديدة داخل المجتمع للانضمام إلى الجيش"، كما أشارت الصحيفة.

ووفق البيانات المنشورة في رسالة بهاراف ميارا، فإن عدد طلاب المدارس الدينية الذين بلغوا سن الخدمة العسكرية ولم يجرِ تجنيدهم بعد هو 70 ألفاً. أما حول العجز الحاصل في جيش الاحتلال، فبيانات الجيش تشير إلى الحاجة إلى زيادة عدد الجنود بما لا يقل عن 10 آلاف، منهم 7500 سيكونون لأدوار قتالية، حسب "يديعوت أحرونوت".

ووفق بهاراف ميارا، فإن أي تأخير في إصدار الاستدعاءات أو إصدارها بكميات قليلة من شأنه أن يُضعف القدرة على الوفاء بالالتزام الممنوح لمحكمة العدل العليا بتجنيد 4800 من العسكريين المتدينين، وهو أمر مخالف للقانون.

أزمة تاريخية بلغت ذروتها

ويقول المختص في الشأن الإسرائيلي، عصمت منصور، إن "أزمة التجنيد تاريخية خصوصاً مع المتدينين، وهذه المشكلة تسبق حتى قيام إسرائيل وإنشاءها، لكنَّ هذه الأزمة تفاقمت في السنوات الأخيرة وبلغت ذروتها مع هذه الحرب، فنحن نتحدث عن الآلاف بين مصاب وقتيل في الجيش خرجوا من الخدمة في ذروة فتح جبهتين على الأقل وعمليات تحتاج إلى قتال بري".

ويضيف في حديث لـTRT عربي، أنه "في ظل التصعيد على أكثر من جبهة، هذه الأزمة تفاقمت وخلقت هذا الصراع من جديد، ولذلك أمر رئيس الأركان ووزير الدفاع بتجنيد 7 آلاف جندي بشكل طارئ من المتدينين، هذا يعني طبعاً، مع تغيير وزير الدفاع في إسرائيل، خلق مشكلة، لأن نتنياهو تعهَّد للمتدينين بأن وزير الدفاع الجديد، يسرائيل كاتس، سيُلغي هذا القرار، وهذا سيضعه في امتحان صعب".

ويتابع: "لذلك هذا الموضوع له تداعيات أمنية على الجيش وعلى السياسة داخل الحكومة وتركيبتها، ويهدد الائتلاف، وأيضاً على التركيبة الاجتماعية، حيث الشعور بعبء التجنيد والقتال يقع فقط على جهة معينة، أما الفئة الأخرى، وهي المتدينة، كأنها لا علاقة لها بالحرب".

ويرى منصور أن هذا التجنيد لن يحل المشكلة بشكل جذري ولكن سيحدّ من أزمة القوة البشرية التي يعاني منها الجيش، ويقول: "القانون له أهمية كبيرة، لكن أنا أشك أن يلتزم به المتدينون أو أن يدخل القرار حيز التنفيذ".

ويتوقع منصور أنه بعد انتهاء الحرب وبعد تغيير هذه الحكومة أو حتى في وجودها سيدور نقاش قوي وجذري في إسرائيل حول التجنيد وحول الجيش وحول المسؤولية الاجتماعية للقطاعات المختلفة في المجتمع الإسرائيلي.

ماذا يقول الحريديم؟

وأشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى أن خطوة إصدار أوامر التجنيد تأتي على الرغم من إقالة وزير الدفاع السابق يوآف غالانت، الذي أمر بإصدارها. وأضافت أن المتدينين المتشددين شعروا بالغضب الشديد من الليكود، فيما تخطط الدوائر المتطرفة لتكثيف الاحتجاجات.

كان غالانت قد وافق على أوامر التجنيد قبل يوم واحد فقط من إقالة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، له، الأسبوع الماضي، وفق "يديعوت أحرونوت".

وبعد إعلان الجيش، أمس، أنه سيجري إرسال 7 آلاف أمر تجنيد، حمّل مسؤول بارز في حزب "يهودات هتوراه" المسؤولية لحزب الليكود ولنتنياهو، وقال: "كان لديهم الخيار لمنع هذه الخطوة، لكنهم اختاروا تجاهل ذلك".

ونقلت الصحيفة العبرية عن هذا المسؤول قوله: "إن الليكود لم يمرِّر مشروع القانون الذي تعهد به (قانون المهاجع الذي يحدّ من عملية التجنيد للحريديم)، والآن هم يعملون بشكل نشط ومتعمَّد ضد طلاب المدارس الدينية. كل هذا يثبت أن الوعود التي قُطعت للجمهور الأرثوذكسي لا تزال مكشوفة".

وأشارت "يديعوت أحرونوت" إلى أن الحريديم يخططون للمطالبة بأن يلغي أيُّ قانون ينظِّم التجنيد الأوامرَ التي سيجري إرسالها إلى الشبان الحريديم دون التنسيق معهم، ويخططون أيضاً للمطالبة بالعفو عن أولئك الذين فُرضت عليهم عقوبات، وأكدت أنه في الأوساط المتطرفة في المجتمع الحريدي، تتصاعد الاحتجاجات، ويجري التخطيط لتنظيم تجمعات حاشدة ضد إرسال الأوامر.

وحول موقف نتنياهو، قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن "نتنياهو، المصمم على تمرير مشروع قانون مريح، وعلى تهدئة الاضطرابات في الشارع الحريدي، يدرك منذ مدة طويلة أن وزير الدفاع غالانت كان من العقبات الرئيسية في الطريق، لذلك قرر إقالته الأسبوع الماضي في رسالة إلى الحريديم".

لكن حتى الآن، يبدو أن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، لا يخطط لوقف إصدار الأوامر، والنائب العام يبدو مصمماً على تنفيذ قرار المحكمة العليا الإسرائيلية التي قررت تجنيد الحريديم.

TRT عربي - وكالات