في قرار لم يلقَ إجماع الأمريكيين أعلن الرئيس جو بايدن الأربعاء عن خطة إعفائه عدداً من الطلاب من قسم كبير من ديونهم الدراسية. هذه الخطة المستمرة للسنوات العشر القادمة، وقد تشمل ما مجموعه 300 مليون دولار من هذه الديون.
هذا وأحدث القرار جدلاً سياسياً واسعاً بين الجمهوريين والديموقراطيين داخل ردهات مبنى الكونغرس، كما في الإعلام والفضاء العام. بينما تأتي هذه الخطوة في وقت تقبل فيه البلاد على انتخابات نصفية في نوفمبر/تشرين الثاني القادم، يسعى من خلالها بايدن لتأمين أغلبيته البرلمانية.
وخارج الجدل السياسي يعيد القرار الرئاسي إلى الواجهة معضلة الديون الدراسية التي تثقل كاهل شريحة واسعة من المواطنين الأمريكيين التي تلاحق أغلبهم حتى بعد التخرج لتحكم عليه بقضاء عمر في أداء الأقساط المتراكمة ومعاناة أوضاع اقتصادية واجتماعية هشة.
أزمة الديون الدراسية
يواجه المواطنون الأمريكيون الراغبون في متابعة دراستهم الجامعية عقبة كبيرة هي الرسوم الدراسية المرتفعة، ما يدفعهم إلى التهافت على الاقتراض لتمويل تعليمهم، وبالتالي يدخلون دوامة أداء الأقساط حتى بعد تخرجهم ودخولهم سوق العمل.
وحسب إحصائيات أخيرة فإن وحداً من بين كل خمسة أمريكيين لديهم ديون دراسية، فيما بلغ سنة 2022 الحجم الإجمالي لهذه الديون 1.75 تريليون دولار، 92% منها ديون فيدرالية مقابل 7.3% من الديون الخاصة.
وشهد الحجم الإجمالي لديون الطلاب ارتفاعاً مهولاً خلال السنوات الستة عشر الماضية، إذ لم يكن يتعدى في سنة 2006 عتبة 520 مليار دولار، وعتبة 960 مليار دولار في سنة 2011. ويرجع هذا الارتفاع إلى الزيادة في الرسوم الجامعية التي بلغت خلال العقدين الأخيرين نسبة 144% للجامعات الخاصة و211% للجامعات الحكومية.
ويبلغ متوسط الرسوم الجامعية في الجامعات الخاصة الأمريكية نحو 44 ألف دولار مقابل 11.6 ألف دولار للجامعات الحكومية. هكذا نجد أن 47% من أصحاب الديون الدراسية مدينون بما يتراوح بين 20 و100 ألف دولار أمريكي.
هل سيحل مخطط بايدن المعضلة؟
حسب ما أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن فسيعفى مما قدره 10 آلاف دولار من الديون الدراسية الفيدرالية لكل مقترض لا يتعدى دخله السنوي 125 ألف دولار. كما ستلغى 20 ألف دولار من ديون الطلاب المستفيدين من برنامج دعم حكومي، لأولئك الذين بأمسّ الحاجة المالية. ومن المرتقب أن يحرر هذا الإجراء نحو 32% من الطلاب من الديون الدراسية المتراكمة عليهم.
وقال بايدن من البيت الأبيض الأربعاء إن خطته ستعطي "مساحة تنفس" إضافية لأسر الطبقة العاملة والمتوسطة، لكون "أعباءهم ثقيلة للغاية لدرجة أنه حتى لو تخرجت فقد لا تتمكن من الوصول إلى حياة الطبقة المتوسطة التي كانت توفرها الشهادة الجامعية ذات مرة". مضيفاً أن نحو ثلث المقترضين لديهم ديون طلابية لكن ليس لديهم شهادة. وأضاف: "هذا أسوأ ما يمكن حدوثه في هذا الوضع".
فيما تشير استطلاعات الرأي إلى أن 55% من الأمريكيين يؤيدون الإعفاء من 10 آلاف دولار من الديون الدراسية، بينما 47% من هؤلاء المؤيدين يقولون إن من الأفضل رفع سقف الإعفاء إلى 50 ألف دولار. هذا ويعارض 31% من الأمريكيين قرار الإعفاء.
ومن الناحية السياسية عارض الحزب الجمهوري بشراسة قرار الرئيس الديمقراطي، مشككين بعدالة قرار الإعفاء. بالمقابل يراهن الديمقراطيون على أن بايدن الذي شهد تراجعاً بشعبيته العام الماضي يمكن أن يساعد بقراره في تحفيز الناخبين الأصغر سناً على التصويت بالانتخابات النصفية في نوفمبر/تشرين الثاني القادم.