آثار الهجوم الإرهابي على قرية "جيت" في محافظة قلقيلية شمالي الضفة الذي نفذته عناصر مجموعة "هاشومير يوش" مع مستوطنين آخرين / صورة: Reuters (Raneen Sawafta/Reuters)
تابعنا

وجاءت تلك العقوبات على خلفية هجوم إرهابي على قرية "جيت" في محافظة قلقيلية شمالي الضفة، نفذته في منتصف الشهر الماضي عناصر مجموعة "هاشومير يوش" مع مستوطنين آخرين، أحرقوا فيه منازل وقتلوا فلسطينياً رمياً بالرصاص.

وطوال سنوات عمل المنظمة كان لها دور مهم في مصادرة أراضي الفلسطينيين وطردهم منها، وخاصة أنها تركز على المناطق الرعوية والزراعية، وبعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تصاعد نشاط المنظمة التي تحظى بدعم الحكومة وجهات سياسية مختلفة في إسرائيل، وازداد عنفها بحق السكان الفلسطينيين.

تعزيز البؤر الاستيطانية

تأسست "هاشومير يوش" التي يعني اسمها "حارس يهودا والسامرة"، ـ في إشارة إلى المصطلح التوراتي للضفة الغربية ـ في 2013 بهدف المساعدة في إنشاء وتعزيز البؤر الاستيطانية "غير القانونية" في الضفة الغربية.

انطلقت المنظمة من مستوطنة شيلو الواقعة بين قرى ترمسعيا وسنجل، شمالي رام الله، وتوسعت نشاطاتها لتشمل مناطق وسط الضفة الغربية وبرية يطا في جنوبي الخليل، ثم استغلت هاشومير يوش الحرب الحالية لطرد الفلسطينيين وتوسيع البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية.

اشتهر مؤسسو حركة "هاشومير يوش" بعدوانيتهم ​​وخطابهم العنيف تجاه الفلسطينيين، واعتقل أحدهم وهو مائير بيرتلر، في عام 2011 بعد اقتحامه ممتلكات فلسطينية خاصة بالقرب من الحدود الأردنية مع مجموعة أخرى من المستوطنين. وفي العام نفسه، كتب مقالاً في صحيفة عن "السكان الوحشيين" من الفلسطينيين الذين يتزايدون في قرى الضفة الغربية، داعياً الجيش الإسرائيلي إلى "الانتقام لدماء" الإسرائيليين.

وعن الجذور الأيديولوجية للمنظمة تقول مجلة 972+، إن "هاشومير يوش" تعود إلى أوائل القرن العشرين، "فمع بدء الصهاينة الأوروبيين في الاستقرار في فلسطين، أسس ألكسندر زيد، وهو مهاجر يهودي من روسيا، منظمة تسمى هاشومير لحماية المستوطنات اليهودية في المناطق الريفية".

ومع تشكيل منظمة شبه عسكرية صهيونية رسمية،" الهاغاناه"، التي دمجت فيما بعد في قوات الدفاع الإسرائيلية، جرى حل منظمة هاشومير الأصلية. ولكن بعد أكثر من قرن من الزمان، تواصل هاشومير يوش التقليد القديم: تأسيس وجود زراعي لتعزيز السيطرة اليهودية على الأرض على حساب الفلسطينيين، تحت ستار حماية المجتمعات ومحاربة "الإرهاب الزراعي"، وفق مجلة 972+.

وكشف تحقيق المجلة أن "هاشومير يوش" تركز على إشراك الشباب الإسرائيلي، وتقديم برامج التطوع والتدريب قبل الخدمة العسكرية التي ترسل الشباب لحراسة الأراضي في البؤر الاستيطانية "غير القانونية". وتشجيعاً لنشاطهم، عرض الجيش الإسرائيلي هذه البرامج بديلاً من الخدمة العسكرية التقليدية، بينما تمنح جامعة أرييل، الواقعة في مستوطنة في الضفة الغربية، الاعتماد الأكاديمي للطلاب الذين يتطوعون مع المجموعة.

ويفيد تقرير نشرته حركة "السلام الآن" في 29 أغسطس/آب المنصرم، بأن "هاشومير يوش" تعتمد على عدد من الفئات المتطوعين، منهم المتطوعون الزراعيون المنتظمون ومعظمهم من المراهقين الذين تركوا التعليم الرسمي، ويعيشون ويعملون في المزرعة، يتلقون الدعم والتوجيه من المنظمة ودروس التوراة ودورات اللغة العربية المنطوقة الأساسية.

أما الفئات الأخرى، فإما المتطوعون في مجموعات منظمة، مثل أكاديميات ما قبل العسكرية والمدارس الدينية والمعاهد الدينية، الذين يأتون إلى المزارع لأيام العمل أو لفترات مكثفة، وإما متطوعون من المستوطنات القريبة. وتوفر المنظمة لجميع المتطوعين وأصحاب المزارع المعدات والملابس والوجبات.

وتضم "هاشومير يوش" 15 موظفاً، من بينهم مديرها العام أفيحاي سويسا، ومنسقون ميدانيون وهيئة تدير مركزاً لتوظيف المتطوعين، بينما يتجاوز عدد المتطوعين المسجلين فيها 4,000 شخص، ينتشرون في أنحاء الضفة الغربية المحتلة كافة، وفق تقرير "السلام الآن".

وعن آلية السطو على الأراضي الزراعية الفلسطينية تقول "السلام الآن"، إن المنظمة ترسل المتطوعين للقيام بأعمال الحراسة والمساعدة في البؤر الاستيطانية الزراعية في مختلف أنحاء الضفة الغربية، وبمساعدة هؤلاء المتطوعين، يتمكن عدد قليل من المستوطنين (عادةً عائلة واحدة وبضعة شباب متطوعين) من إنشاء مزرعة والاستيلاء على آلاف الدونمات ودفع المزارعين الفلسطينيين بعيداً عن الأرض.

ويضيف التقرير أنه جرى إنشاء ما يقرب من 100 مزرعة نباتية ورعوية استيطانية بهذا الشكل في السنوات الأخيرة، تسيطر على مئات الآلاف من الدونمات. بالإضافة إلى ذلك، يمارس أعضاء المنظمة اعتداءات جسدية ومادية على الفلسطينيين، وفق حركة "السلام الآن".

علاقة المنظمة بالحكومة

في يناير/كانون الثاني الماضي، شاركت وزيرة حماية البيئة إيديت سيلمان في احتفال نظمته "هاشومير يوش" في بؤرة استيطانية "غير قانونية" في الضفة الغربية، كما التقى وزير الزراعة آفي ديختر في يونيو/حزيران الفائت مع المنظمة ومجموعة أخرى من الجمعيات الاستيطانية، لتأكيد دعمه لأنشطتهم في أثناء الحرب، بحسب ما كشف عنه تحقيق مجلة 972+.

وبعد إعلان العقوبات الأمريكية، نفت "هاشومير يوش" انخراطها في سلوك غير قانوني، مؤكدة أن أنشطتها "مشروعة ومنسقة مع الحكومة الإسرائيلية، التي تتلقى منها التمويل. وأكد ذلك إدانة مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي العقوبات الأمريكية على المنظمة بقوله، إن "إسرائيل تنظر بجدية بالغة إلى فرض عقوبات على "المواطنين الإسرائيليين" وإن "المسألة قيد نقاش مكثف مع الولايات المتحدة".

أما على صعيد التمويل، فالميزانية السنوية لـ"هاشومير يوش" تبلغ نحو 1.7 مليون شيكل، يأتي 60% منها من الميزانية العامة الإسرائيلية، بينما تأتي البقية من تبرعات داخلية وخارجية، ولا يُبَلغ عن حجم هذه التبرعات أو طريقة صرفها بدقة. ووفقاً لمصادر حركة "السلام الآن"، تتلقى الجمعية تمويلاً سنوياً يتراوح بين 3 إلى 4 ملايين شيكل تُستخدم في دفع الرواتب وتمويل الاعتداءات الجماعية على الفلسطينيين.

وفي عام 2021، تلقت المنظمة تمويلاً حكومياً لتمويل الطائرات المُسيّرة، على الرغم من حقيقة أن مرسوماً عاماً يحظر حيازة الطائرات المُسيّرة في الضفة الغربية. وفي أبريل/نيسان الماضي، أطلقت "هاشومير يوش" حملة لشراء 80 طائرة مُسيّرة لـ"حماية الرعاة في المستوطنات الزراعية"، بحسب إعلانها.

كما تُظهر الوثائق التي حصلت عليها 972+ أن المنظمة المتطرفة تلقت أكثر من 256.000 شيكل (70.000 دولار أمريكي) من الصندوق المركزي لإسرائيل ومقره نيويورك، والمعروف بتمويل مجموعات المستوطنين، بين عامي 2015 و2019.

بدوره أوضح تقرير حركة "السلام الآن" أنه من عام 2020 إلى عام 2023، تلقت المنظمة بمعدل نحو 1.8 مليون شيكل سنوياً من وزارة الزراعة ووزارة النقب والجليل، بينما تلقت ما مجموعه 8,377,330 شيكلاً من الدولة، منذ عام 2018.

التصعيد بالتزامن مع حرب غزة

ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لعبت هاشومير يوش، بالتعاون مع الجيش الإسرائيلي، دوراً مهماً في التصعيد في الضفة المحتلة، إذ زُعم أن المزارعين المرتبطين بالمنظمة كانوا يخشون أن ينتشر العنف إلى الضفة الغربية، فأرسلت "هاشومير يوش" بسرعة أكبر عدد ممكن من الحراس إلى "المناطق المعرضة للخطر" ونسقت مع الجيش لحماية وتعزيز المناطق المكشوفة"، وفق تحقيق مجلة 972+.

ونقلت المجلة عن الفلسطينيين في المناطق الريفية في الضفة المحتلة قولهم إن منظمة هاشومير يوش هي المحرك الرئيسي لعنف المستوطنين، وقال علي عوض، أحد المساهمين في المجلة والناشط الحقوقي الذي يعيش في قرية طوبا جنوبي تلال الخليل: "هذه هي المنظمة رقم واحد. واسمها مرتبط بدعم الاستعمار الاستيطاني".

وفي يناير/كانون الثاني الماضي، طردت مجموعة من المستوطنين يرتدون سترات تحمل شعار هاشومير يوش جميع سكان خربة زانوتا الذين يبلغ عددهم 250، وهي قرية فلسطينية في جنوب تلال الخليل. وأشارت وزارة الخارجية الأمريكية إلى أن متطوعين من المنظمة نفسها أغلقوا بعد ذلك القرية لمنع السكان من العودة إليها.

TRT عربي
الأكثر تداولاً